لا نلوم الجهات الحكومية إن تأخرت في توفير خدمة مُعينة يحتاجها المواطن أو قصرت في أداء خدمة قائمة ، لأن جُلَّ الخدمات التي تقدمها الحكومة بالمجان ، ورُغمَّ أنها مجانية فهي تسعى وتُسخّر كل إمكاناتها لتوفير كل ما يحتاجه المواطن من خدمات ، أما اللوم وكُلَّ اللوم والعتب فيقع على الشركات الربحية التي تأخذ باليمين والشمال وتنتزع حقها من المواطن بالهللة ، وأعني بالتحديد شركات الإتصالات ،
هذه الشركات التي تأخذ الكثير وتعطي القليل ، تستوفي الكيل ولا توفيه ، وأكثر المتضررين من نقص الكيل وتردي خدمات الإتصال والإنترنت هُم سكان القرى والأرياف وخاصةً في المناطق الجنوبية ،
فهل من العدل أن يدفع هؤلاء نفس التعرفة والرسوم التي يدفعها سكان المدن بينما لا يحظون بنفس مستوى الخدمة ؟ وهل من الإنصاف أن يدفع هؤلاء كامل الرسوم لباقات الإنترنت ثُمَّ يتفاجأون بالانقطاع والتعليق المستمر حتى تنفد الباقة دون أن يستثمروا حتى القليل مما أنفقوا ؟ هل يُعقل أن يخرج الشخص من منزله إلى أقرب برج للإتصالات لكي يستخدم الإنترنت ؟ هل يليق هذا بشركات الإتصالات ونحن في القرن الواحد والعشرين وعصر الــ ( 5G)
وحقيقة تتبع المواطنون لأبراج الإتصالات بحثاً عن الإنترنت ليس مبالغٌ فيه ، فقد حدثني أحد الأشخاص بأن الكثير من الشباب يجولون ويبحثون عن أفضل مكان للإتصال خارج منازلهم وقراهم من أجل تصفح الإنترنت أو تنفيذِ مصالح ضروريةٍ عبرها ،
وقد ذكرتني هذه المعاناة ببداية البث التلفزيوني في المنطقة ، عندما كان بعض الشباب يحملون شاشات التلفزيون و يذهبون إلى برج البث الوحيد في رأس حظوة لمشاهدة نشرات الأخبار و المصارعة الحرة ، فما أشبه اليوم بالبارحة ؟
وختاماً ، خدمات الإتصالات المتواضعة في أطراف المدن و القرى والأرياف لا تتواكب مع متطلبات المرحلة ورؤية ٢٠٣٠ ، فهي قطعاً لا تُلبي إحتياجات الموظف الذي يعمل عن بُعد ولا الطالب الذي يدرس عن بُعد ولا المواطن الذي يطلب الخدمات عن بُعد ، ولا التسوق الإلكتروني ولا الجانب الإعلامي ولا المعرفي والترفيهي ، الخ . وهذا الذي يُجبر سُكان القرى والأرياف على الهجرة إلى المدن بحثاً عن خدماتٍ أفضل وحياة أسهل ،
فهل يُرضيكم يا شركات الإتصالات الوضع المتردي لخدماتكم ؟
وفقني الله وإياكم لما فيه الخير والسداد